وعلوم الأوائل من الفلاسفة «١» فى الموسيقى والهندسة وغير ذلك [مما «٢» ] يجلّ عن الوصف ويكثر ذكره. وله صنعة في الغناء حسنة متقنة عجيبة [تدلّ على ما ذكرناه هاهنا من توصّله «٣» ] إلى ما عجز عنه الأوائل من جمع النّغم كلها في صوت واحد تتّبعه هو «٤» وأتى به على ما فصّله فيها وطلبه منها.
وكان المعتضد بالله ربما أراد أن يصنع في بعض الأشعار غناء ويحضره أكابر المغنّين فيعدل عنهم إليه فيصنع فيه أحسن صنعة، ويترفّع عن إظهار نفسه بذلك فيومىء إلى أنه من صنعة جاريته ساجى «٥» . وسنذكر ساجى إن شاء الله تعالى في أخبار القيان، وكانت تخريج عبيد الله وتأديبه.
قال: ولمّا اختلّت حال عبيد الله كان المعتضد بالله يتفقّده بالصّلات. ومن أصوات عبيد الله التى جمع فيها النّغم العشر قوله في شعر إبراهيم بن علىّ بن هرمة:
وإنك إذ أطمعتنى منك بالرّضا ... وأيأستنى من بعد ذلك بالغضب
كممكنة من درّها كفّ حالب ... ودافقة من بعد ذلك ما حلب
وأخبار عبيد الله كثيرة سنذكر منها في هذا الباب في أخبار ساجى طرفا، ونورد منها إن شاء الله تعالى في فنّ التاريخ ما يناسب. وأستغفر الله العظيم.