للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنى لأنصحكم وأعلم أنّه ... سيّان عندك من يغشّ وينصح

وإذا شكوت إلى سلامة حبّها ... قالت أجدّ منك ذا أم تمزح

وهذا من أقدم الغناء العربىّ المنقول عن الفارسىّ. قال: وعاش سعيد بن مسجح حتى لقيه معبد وأخذ عنه في أيام الوليد بن عبد الملك.

ومن أخبار سعيد مارواه أبو الفرج الأصفهانىّ بسند رفعه قال: كتب عامل لعبد الملك بن مروان بمكة إليه أنّ رجلا أسود يقال له سعيد بن مسجح قد أفسد فتيان قريش وأنفقوا عليه أموالهم. فكتب إليه: أن اقبض ماله وسيّره إلىّ. فتوجّه ابن مسجح الى الشأم؛ فصحبه رجل له جوار مغنّيات في الطريق. فقال له: أين تريد؟ فأخبره الخبر وقال: أريد الشأم؛ فصحبه حتى بلغا دمشق، فدخلا مسجدها فسألا: من أخصّ الناس بأمير المؤمنين؟ فقالوا: هؤلاء النفر من قريش وبنو عمّه.

فوقف ابن مسجح عليهم فسلّم، ثم قال: يا فتيان، هل فيكم من يضيف رجلا غريبا من أهل الحجاز؟ فنظر بعضهم إلى بعض وكان عليهم موعد أن يذهبوا إلى قينة يقال لها «برق الأفق» ، فتثاقلوا به إلّا فتى منهم تذمّم»

فقال له: أنا أضيفك، وقال لأصحابه: انطلقوا أنتم وأنا أذهب مع ضيفى. فقالوا: لا، بل تجىء معنا أنت وضيفك. فذهبوا جميعا الى بيت القينة. فلما أتوا بالغداء قال لهم سعيد:

إنى رجل أسود، ولعل فيكم من يقذرنى، فأنا أجلس وآكل ناحية وقام؛ فاستحيوا منه وبعثوا له بما أكل. فلما صاروا إلى الشّراب قال لهم مثل ذلك ففعلوا.

ثم أخرجوا جاريتين، فجلستا على سرير قد وضع لهما فغنّتا إلى العشاء ثم دخلتا؛ وخرجت جارية حسنة الوجه والهيئة وهما معها فجلستا أسفل السرير عن يمينه وشماله وجلست هى على السرير. قال ابن مسجح: فتمثلت هذا البيت: