للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جليسك البارحة؟ قال: أىّ جليس يا أمير المؤمنين؟ واستعجم عليه. فقال: عرّفنى به فإنه لم يخف علىّ شىء من أمرك. قال: هو سائب خاثر. قال معاوية: فأكثر له يا بنىّ من برّك وصلتك، فما رأيت بمجالسته بأسا.

قال ابن الكلبىّ: وقدم معاوية المدينة في بعض ما كان يقدم، فأمر حاجبه بالإذن للنّاس؛ فخرج ثم رجع فقال: ما بالباب أحد. فقال معاوية: وأين الناس؟

قال: عند عبد الله بن جعفر. فركب معاوية بغلته ثم توجّه اليهم. فلما جلس قال بعض القرشيّين لسائب خاثر: مطرفى هذا لك إن اندفعت تغنّى (وكان المطرف من خز) ؛ فقام بين السّماطين وغنّى فقال:

لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى «١» ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

فسمع منه معاوية وطرب وأصغى اليه حتى سكت وهو مستحسن لذلك، ثم انصرف، وأخذ سائب خاثر المطرف «٢» .

وكان مقتل سائب خاثر بالمدينة يوم الحرّة. قال: وكان يخشى على نفسه من أهل الشأم. فخرج اليهم وجعل يقول: أنا مغنّ، ومن حالى ومن قصتى كيت وكيت، وقد خدمت أمير المؤمنين يزيد وأباه قبله. فقالوا له: غنّ لنا، ففعل.

فقام أحدهم فقال: أحسنت والله، ثم ضربه بالسيف فقتله. وبلغ يزيد خبره ومرّ به اسمه في أسماء من قتل فلم يعرفه وقال: من سائب خاثر؟ فعرّف به، فقال: ويله ما له وما لنا! ألم نحسن إليه ونصله ونخلطه بأنفسنا! فما الذى حمله على عداوتنا! لا جرم أنّ بغيه علينا صرعه. وقيل: إنه لمّا بلغه قتله قال: إنا لله! أو بلغ