وحكى الأصبهانىّ عفا الله عنه قال: كان بالمدينة مخنّث يقال له النّغاشى.
فقيل لمروان بن الحكم: إنه لا يقرأ من كتاب الله تعالى شيئا. فبعث إليه فاستقرأه أمّ الكتاب؛ فقال: والله ما معى بناتها، أو ما أقرأ البنات فكيف أقرأ أمّهنّ! فقال: أتهزأ لا أمّ لك! فأمر به فقتل ببطحان «١» ، وقال: من جاءنى بمخنّث فله عشرة دنانير. فأتى طويس وهو في بنى الحارث بن الخزرج فأخبر بمقالة مروان؛ فقال: أما فضّلنى الأمير عليهم بفضل حتى جعل فيّ وفيهم شيئا واحدا!. ثم خرج حتى نزل السويداء (على ليلتين من المدينة في طريق الشأم) فنزلها، فلم يزل بها بقيّة عمره. وعمّر حتى مات في ولاية الوليد بن عبد الملك. ثم ساق الأصفهانىّ هذه القصة في موضع آخر بسند آخر قال: خرج يحيى بن الحكم وهو أمير على المدينة، فبصر بشخص في السّبخة مما يلى مسجد الأحزاب؛ فلما نظر إلى يحيى جلس؛ فاستراب به، فوجّه إليه أعوانه، فأتى به كأنه امرأة في ثياب مصبّغة مصقولة وهو ممتشط مختضب. فقال له أعوانه: هذا ابن نغاش المخنث. فقال: ما أحسبك تقرأ من كتاب الله تعالى شيئا! اقرأ أمّ القرآن؛ فقال: لو عرفت أمّهن عرفت البنات. فأمر به فضربت عنقه. وساق نحو ما تقدّم، إلا أنه قال: جعل في كل مخنّث ثلاثمائة درهم.
وحكى أيضا بسند رفعه إلى صالح بن كيسان وغيره: أنّ أن بن عثمان لمّا أمّره عبد الملك على الحجاز أقبل، حتى [اذا «٢» ] دنا من المدينة تلقّاه أهلها وخرج إليه أشرافها، فخرج معهم طويس. فلما رآه سلّم عليه، ثم قال له: أيها الأمير،