فقالوا: هذه ما شطتها. ثم جاءت مواكب على هذا لحاشيتها، ثم أقبلت في ثلاثمائة راحلة عليها القباب والهوادج؛ فقالت عاتكة: ما عند الله خير وأبقى. قال: ووفدت عائشة بنت طلحة على هشام بن عبد الملك، فقال لها: ما أوفدك؟ قالت: حبست السماء مطرها ومنع السلطان الحقّ. قال: فأنا أصل رحمك وأعرف حقّك. ثم بعث إلى مشايخ بنى أميّة فقال: إن عائشة عندى فاسمروا عندى الليلة فحضروا؛ فما تذاكروا شيئا من أخبار العرب وأشعارها وآثارها إلا أفاضت معهم فيه، وما طلع نجم ولا غار إلا أسمته. فقال لها هشام: أمّا الأوّل فلا أنكره، وأمّا النجوم فمن أين لك؟
قالت: أخذته «١» عن خالتى عائشة رضى الله عنها؛ فأمر لها بمائة ألف درهم وردّها إلى المدينة.
قال: ولما تأيّمت عائشة كانت تقيم «٢» بمكة سنة وبالمدينة سنة، وتخرج إلى مال لها بالطائف عظيم وقصر لها هناك فتتنزه وتجلس فيه بالعشيّات، فتتناضل بين [يديها «٣» ] الرّماة. فمرّ بها النّميرىّ الشاعر، فسألت عنه فانتسب لها؛ فقالت: ائتونى به، فجىء به.
فقالت له: أنشدنى مما قلت في زينب؛ فامتنع وقال: بنت عمّى وقد صارت عظاما بالية. قالت: أقسمت عليك لمّا فعلت؛ فأنشدها قوله:
نزلن بفخّ «٤» ثم رحن عشيّة ... يلبّين للرحمن معتمرات