للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجرى عليهم رزقا وكسوة وأمر لهم بخادم يخدمهم وعبد يسقيهم الماء، وأجلس مالكا معه في مجالسه، وأمر معبدا أن يطارحه فلم ينشب أن مهر. فخرج مالك يوما فسمع امرأة تنوح على زيادة الذى قتله هدبة بن خشرم- والشعر لأخى زيادة-:

أبعد الذى بالنّعف نعف كويكب ... رهينة رمس ذى تراب وجندل

أذكّر بالبقيا على من أصابنى ... وذلك أنّى جاهد غير مؤتلى «١»

فلا يدعنى قومى لزيد بن مالك ... لئن لم أعجّل ضربة أو أعجّل

وإلّا أنل ثأرى من اليوم أو غد ... بنى عمّنا فالدّهر ذو متطوّل

أنختم علينا كلكل الحرب «٢» مرّة ... فنحن منيخوها «٣» عليكم بكلكل

فغنّى في هذا الشعر لحنين، أحدهما نحا فيه نحو المرأة في نوحها ورقّقه وأصلحه، والآخر نحا فيه نحو معبد في غنائه. ثم دخل على حمزة فقال له: أيها الأمير، إنى قد صنعت غناء في شعر سمعت أهل المدينة ينشدونه وقد أعجبنى، فإن أذن الأمير غنّيته. قال:

هات؛ فغنّى اللحن الذى نحا فيه نحو معبد؛ فطرب حمزة وقال: أحسنت يا غلام، هذا الغناء غناء معبد بطريقته. قال: لا تعجل أيها الأمير واسمع منّى شيئا ليس من غناء معهد ولا طريقته؛ فغنّاه اللحن الذى تشبّه فيه بنوح المرأة. فطرب حمزة حتى ألقى عليه حلّة كانت عليه قيمتها مائتا دينار. ودخل معبد فرأى حلّة حمزة على مالك فأنكرها. وعلم حمزة بذلك فأخبر معبدا بالسبب، وأمر مالكا فغنّاه الصوتين. فغضب معبد لمّا سمع الصوت الأوّل وقال: قد كرهت أن آخذ هذا الغلام فيتعلّم غنائى فيدّعيه