قال: وما هى؟ قال: تبيعنى أحد هذين الغلامين أو كليهما، فقال: اختر أيّهما شئت، فاختار أحدهما، فقال له الشامىّ: هو لك؛ فقبله منه الدلال، ثم غنّاه وغنّى:
دعتنى دواع من أريّا فهيّجت ... هوى كان قدما من فؤاد طروب
لعل زمانا قد «١» مضى أن يعود لى ... فتغفر أروى عند ذاك ذنوبى
سبتنى أريّا يوم نعف محسّر ... بوجه جميل للقلوب سلوب
فقال له الشامىّ: أحسنت. ثم قال له: أيّها الرجل الجميل، إن لى [إليك «٢» ] حاجة، قال الدّلال: وما هى؟ قال: أريد وصيفة ولدت في حجر صالح ونشأت في خير، جميلة الوجه مجدولة وضيئة جعدة في بياض مشربة حمرة حسنة الهامة سبطة أسيلة الخدّ عذبة اللّسان لها شكل [ودلّ «٣» ] تملأ العين والنفس. فقال له الدّلال: قد أصبتها لك، فما لى عندك إن دللتك عليها؟ قال: غلامى هذا. قال: إذا رأيتها وقبلتها فالغلام لى؟ قال نعم. قال: فأتى امرأة كنّى عن اسمها، فقال لها: جعلت فداءك! نزل بقربى رجل من قوّاد هشام، له ظرف وسخاء، وجاءنى زائرا فأكرمته، ورأيت معه غلامين كأنهما الشمس الطالعة المنيرة والكواكب الزاهرة ما وقعت عينى على مثلهما ولا يطول لسانى بوصفهما، فوهب لى أحدهما والآخر عنده، وإن لم يصر إلىّ فنفسى ذاهبة. قالت: وتريد ماذا؟ قال: طلب منى وصيفة على صفة لا أعلمها إلا في ابنتك، فهل لك أن تريه إيّاها؟ قالت: وكيف لك بأن يدفع الغلام إليك إذا رآها؟ قال: إنى قد شرطت عليه ذلك عند النظر لا عند البيع.
قالت: شأنك، لا يعلم هذا أحد. فمضى الدّلال وأتى بالشامىّ. فلما صار إلى المرأة وضع له كرسىّ وجلس. فقالت له المرأة: أمن العرب أنت؟ قال نعم. قالت: