واحدة مقطّعة في القدور، وأخرى مسلوخة معلّقة، وأخرى قائمة في المطبخ؛ فإذا أتاه قوم طعموا ممّا في القدور، فإذا فرغت القدور قطّعت الشّاة المعلّقة ووضعت فى القدور وذبحت القائمة وأتى بأخرى فأقيمت في المطبخ. وكانت وظيفته لطعامه وطيبه وما يتّخذ له في كل شهر ثلاثين ألف درهم سوى ما كان يجرى وسوى كسوته. ولقد كان مرّة عندنا من الجوارى الودائع لإخوانه ثمانون جارية، ما فيهنّ واحدة إلا ويجرى عليها من الطعام والكسوة والطّيب مثل ما يجرى لأخصّ جواريه، فإذا ردّت الواحدة الى مولاها وصلها وكساها. ومات وما في ملكه إلا ثلاثة آلاف دينار وعليه من الدّين سبعمائة دينار قضيت منها.
وروى عن إسحاق بن إبراهيم قال:
اشترى الرشيد من أبى جارية بستة وثلاثين ألف دينار، فأقامت عنده ليلة ثم أرسل الى الفضل بن الرّبيع وقال له: إنا اشترينا هذه الجارية من إبراهيم ونحن نحسب أنها على صفة وليست كما ظنّنا وما قربتها، وقد ثقل علىّ الثمن وبينك وبينه ما بينكما؛ فاذهب اليه فسله أن يحطّنا من ثمنها ستة آلاف دينار. قال: فأتاه الفضل، فخرج اليه وتلقّاه؛ فقال له: دعنى من هذه الكرامة التى لا مؤنة فيها، قد جئتك فى أمر، ثم أخبره الخبر. فقال له إبراهيم: إنما أراد أن يبلو قدرك عندى. قال: هو ذاك؟ قال: فمالى في المساكين صدقة إن لم أضعفه لك، قد حططتك اثنى عشر ألف دينار. فرجع الفضل اليه بالخبر؛ فقال: ويحك! احمل اليه المال بجملته، فما رأيت سوقة أنبل «١» منه نفسا. قال إسحاق: وكنت قد أتيت أبى فقلت: ما كان لحطيطة هذا المال معنى ولا هو قليل يتغافل عنه، قال لى: يا أحمق، أنا أعرف الناس به، والله لو أخذت المال منه كملا ما أخذته إلا وهو كاره ولحقد ذلك، وكنت أكون