للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها موضعا فلا أجده ولا أقدم عليه هيبة له؛ إذ دخلت يوما فرأيت فى وجهه أثر الغضب فانخزلت. فقال: مالك يا أصمعىّ؟ قلت: رأيت فى وجه أمير المؤمنين أثر الغضب، فلعن الله من أغضبه! فقال: هذا الناطفىّ، والله لولا أنّى لم أجر فى حكم قطّ متعمّدا لجعلت على كل جبل منه قطعة! ومالى فى جاريته من أرب غير الشعر. قال الأصمعىّ: فذكرت رسالة أمّ جعفر فقلت: أجل، والله ما فيها غير الشعر، أفيسرّ أمير المؤمنين أن يجامع الفرزدق! فضحك حتى استلقى. واتّصل قولى بأمّ جعفر فأجزلت لى الجائزة.

وقال يعقوب بن إبراهيم: طلب الرشيد من الناطفىّ جاريته، فأبى أن يبيعها بأقلّ من مائة ألف دينار. فقال الرشيد: أعطيك مائة ألف دينار على أن تأخذ الدينار بسبعة دراهم، فامتنع عليه، فأمر أن تحمل إليه. فذكروا أنها دخلت مجلسه فى هيئتها؛ فقال لها الرشيد ويلك! إن هذا قد اعتاص علىّ فى أمرك. فقالت:

ما منعك أن توفيه وترضيه؟ فقال: ليس يقنع بما أعطيه، وأمرها بالانصراف.

فتصدّق الناطفىّ حين رجعت إليه بثلاثين ألف درهم. فلم تزل فى قلب الرشيد حتى مات مولاها. فلما مات بعث الرشيد مسرورا الخادم، فأخرجها الى باب الكرخ وأقامها على سرير وعليها رداء سندىّ قد جلّلها، فنودى عليها فيمن يزيد بعد أن شاور الفقهاء فيها، فقالوا: هذه كبد رطبة وعلى الرجل دين، فأشاروا ببيعها. وكانت تقول وهى على المصطبة: أهان الله من أهاننى وأرذل من أرذلنى! فوكزها مسرور بيده. وبلغ بها مسرور مائتى ألف درهم؛ فجاء رجل فقال: علىّ زيادة خمسة وعشرين ألف درهم؛ فوكزه مسرور وقال: أتزيد على أمير المؤمنين! فبلغ بها مائتين وخمسين ألف درهم وأخذ مالها. قال: ولم يكن فيها عيب يعاب، فطلبوا