للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سترت وجهها، فأخبرنى شاكرىّ أن المرأة امّ شارية جارية إبراهيم. فبادرت إلى إبراهيم وقلت له: إنى رأيت أمّ شارية فى دار عبد الوهاب، وهى من تعلم، وما يفجؤك إلا حيلة قد أوقعتها. فقال لى: اشهدك أنّ جاريتى شارية صدقة على ميمونة بنت إبراهيم بن المهدىّ، ثم أشهد ابنه هبة الله على مثل ما أشهدنى، وأمرنى بالركوب إلى ابن أبى دواد وإحضار من قدر عليه من الشهود المعدّلين عنده؛ فأحضر أكثر من عشرين شاهدا. وأمر بإخراج شارية فاخرجت. فقال لها: استرى وجهك؛ فجزعت من ذلك، فأعلمها أنما أمرها بذلك لخير يريده لها ففعلت. فقال لها:

تسمّى؛ فقالت: أنا أمتك. فقال لهم: تأمّلوا وجهها ففعلوا. ثم قال: فإنى أشهدكم أنها حرّة لوجه الله تعالى، وأنى قد تزوّجتها وأصدقتها عشرة آلاف درهم؛ يا شارية أرضيت؟ قالت: نعم يا سيّدى، قد رضيت، والحمد لله تعالى على ما أنعم به علىّ. فأمرها بالدخول، وأطعم الشهود وطيّبهم وانصرفوا. قال: فما أحسبهم تجاوزوا دار ابن أبى دواد حتى دخل علينا عبد الوهاب بن علىّ، فأقرأ عمّه سلام المعتصم، ثم قال له: يقول لك أمير المؤمنين: من المفترض علىّ طاعتك وصيانتك عن كلّ ما يسوءك، إذ كنت عمّى وصنو أبى. وقد رفعت [امرأة [١]] إلىّ قصّة ذكرت فيها أن شارية ابنتها، وأنها امرأة من قريش من بنى زهرة، واحتجّت بأنه لا تكون بنت امرأة من قريش أمة. فإن كانت هذه المرأة صادقة فى أنّ شارية بنتها، وأنها من بنى زهرة، فمن المحال أن تكون شارية أمة.

والأشبه بك والأصلح إخراج شارية من دارك وتصيّرها عند من تثق به من أهلك، حتى يكشف عما قالته هذه المرأة. فإن ثبت ذلك أمرت من جعلتها عنده بإطلاقها، وكان فى ذلك الحظ لك فى دينك ومروءتك. وإن لم يصح ذلك


[١] التكملة عن الأغانى (ج ١٤ ص ١١٠ طبع بولاق) .