للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى شكر من نادى الامال فأجابته مكتّبة، ودعا الأمانى فجاءته [١] مصحبة [٢] ، وحمدته حمدا مكافئا جسيم ما أتاح وعظيم ما أفاد؛ واكتنفنى من السرور ما فسح مناهج الغبطة، وسهّل موارد البهجة؛ وأشعت ما ورد إشاعة شرحت صدور الأولياء بمسارّها، وأزعجت قلوب الأعداء عن مقارّها؛ وسألت الله إتمام ما آذن [٣] به الأميران السيّدان من سعادة لا يهتدى إليها الاختيار علوّا، ولا ترتقى اليها الأفكار سموّا؛ وسلطان تضيق البحار عن اتساعه، وتنخفض الأفلاك عن ارتفاعه؛ ويبلّغهما أفضل ما تقسمه السعود، وتعلو به الجدود، حتى يستغرقا مع السابقين إخوتهما مساعى الفضل، ويشيدا قواعد الفخر، ويرجما صروف الدهر، ويضبطا أطراف الأرض، وهو تعالى قريب مجيب.

ومن كلام الوزير الفقيه أبى القاسم محمد بن الجدّ الأندلسىّ:

إنّ أحقّ ما انبسط فيه للتهنئة لسان، وتصرّف فى ميادين معانيه بيان وبنان؛ أمل رجّى فتأبّى زمانا، واستدعى فلوى عنانا؛ وطاردته الأمانىّ فأتعبها حينا، وغازلته الهمم فأشعرها حنينا؛ ثم طلع غير مرتقب، وورد من صحبة المناجح فى عسكر لجب؛ وكان كالمشير إلى ما بعده من مواكب الآمال، والدليل على ما وراءه من كواكب الإقبال؛ أو كالصّبح افترّت عن أنوار الشمس مباسمه، والبرق تتابعت إثر وميضه غمائمه. وفى هذه الجملة ما دلّ على المولود، المؤذن بترادف الحظوظ وتضاعف السعود. فياله نجم سعادة، طلع فى أفق سيادة؛ وغصن سناء، تفرّع عن دوحة علاء. لقد تهلّلت وجوه المحاسن باستهلاله، وأقبلت وفود الميامن لاستقباله؛ ونظمت له قلائد التّمائم، من جواهر المكارم؛ وخصّ بالثّدىّ الحوافل، بلبان الفضائل. وما كان منبت الشرف بإفراد


[١] فى الأصل: «فجعلته» .
[٢] مصحبة: منقادة.
[٣] فى الأصل: «ما أدنا» .