وما التأنيث لاسم الشمس عيب ... ولا التذكير فخر للهلال
فادّرع يا سيّدى اغتباطا، واستأنف نشاطا؛ فالدنيا مؤنّثة والرجال يخدمونها، والذكور يعبدونها؛ والأرض مؤنّثة ومنها خلقت البرية؛ وفيها كثرت الذّرّيّة؛ والسماء مؤنّثة وقد تزيّنت بالكواكب، وحليت بالنجم الثّاقب؛ والنّفس مؤنّثة وهى قوام الأبدان، وملاك الحيوان؛ والجنّة مؤنّثة وبها وعد المتّقون، وفيها ينعم المرسلون.
فهنيئا هنيئا ما أوليت، وأوزعك الله شكر ما أعطيت؛ وأطال بقاءك ما عرف النسل والولد، وما بقى الأبد، وكما عمّر لبد.
ومن كلام أبى المكارم بن عبد السلام من شعراء الخريدة:
هذا شعيب النبىّ بابنته صفوراء استأجر موسى كليم الله. وهذا سيّد المرسلين، أبقى الله بفاطمة ابنته نسله إلى يوم الدّين. وهذه أمّ الكتاب سمّيت الفاتحة، وهى لأبواب مناجاة الرحمن فاتحة. وهذه محكمات القرآن، بها ثبتت شرائع الإيمان.
وهذه سورة النساء وسمّيت بهنّ وهى من الطّوال، ولا سورة من القصار سمّيت بالرجال. على أنّ الدّنيا بأسرها مؤنّثة والملوك من خدّامها، والشّمس مؤنّثة والضّياء والبهاء من تمامها؛ والنفس تؤنّث وبها فضّل الناس، والحياة تؤنّث وهى أساس الحواس؛ والعين تؤنّث وبها يتوسّل الى علم الدقائق؛ واليد تؤنّث وهى المتصدّية لتحبير الأشياء، والعضد تؤنّث وبها استعانة سائر الأعضاء؛ والسماء تؤنّث وهى تزجى الأمطار، والأرض تؤنّث وهى مجمع أطايب الثّمار، والجنّة تؤنّث وبها وعد الأبرار الأخيار؛ والعين (أعنى الذهب) تؤنّث وبها يدفع الهلك، والقوس تؤنّث وبها عزّ الملك.
ومما هنّئ به فى المواسم والقدوم- قال ابن الرومى تهنئة بعيد الفطر:
قد مضى الصّوم صاحبا محمودا ... وأتى الفطر صاحبا مودودا
ذهب الصّوم وهو يحكيك نسكا ... وأتى الفطر وهو يحكيك جودا