وردّاه الله رداء نكبة، وأحمد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له ما كان ينتظر من صادق وعده. والحمد لله المتولّى لأمير المؤمنين بنعمته، والراجع إليه بمعلوم حقّه، والكائد له ممن ختر عهده ونكث عقده؛ حتى ردّ له الألفة بعد تفريقها، وأحيا الأعلام بعد دروس أثرها، ومكّن له فى الأرض بعد شتات أهلها.
ولمّا فتح المعتصم عمّوريّة أكثر الشعراء من ذكر هذا الفتح؛ فمن ذلك قول أبى تمام حبيب بن أوس الطائى من قصيدته التى يقول فى أوّلها:
السيف أصدق إنباء من الكتب ... فى حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف فى ... متونهنّ جلاء الشكّ والرّيب
والعلم فى شهب الأرماح لامعة ... بين الخميسين لا فى السبعة الشّهب
جاء منها:
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به ... نظم من الشّعر أو نثر من الخطب
فتح تفتّح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض فى أثوابها القشب
ومنها:
وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها ... كسرى وصدّت صدودا عن أبى كرب
بكر فما افترعتها كفّ حادثة ... ولا ترقّت إليها همّة النّوب
من عهد إسكندر أو قبل ذاك فقد ... شابت نواصى اللّيالى وهى لم تشب
حتى إذا مخض الله السنين لها ... مخض الحليبة كانت زبدة الحقب
أتهم الكربة السوداء سادرة ... منها وكان اسمها فرّاجة الكرب
لمّا رأت أختها بالأمس قد خربت ... كان الخراب لها أعدى من الحرب