ذكر ما قيل فى وصف فصل الخريف وتشبيهه نظما ونثرا.
فمن ذلك ما قاله الصنوبرىّ، عفا الله عنه:
ما قضى فى الربيع حقّ المسرّا ... ت مضيع زمانه فى الخريف.
نحن منه على تلقّى شتاء ... يوجب القصف أو وداع مضيف.
فى قميص من الزمان رقيق ... ورداء من الهواء خفيف.
يرعد الماء منه خوفا إذا ما ... لمسته يد النّسيم الضّعيف.
وقال عبد الله بن المعتز:
طاب شرب الصّبوح فى أيلول! ... برد الظلّ فى الضّحى والأصيل!
وخبت جمرة الهواجر عنّا، ... واسترحنا من النهار الطّويل.
وخرجنا من السّموم إلى بر ... د نسيم، وطيب ظلّ ظليل،
وشمال تبشّر الأرض بالقط ... ر كذيل الغلالة المبلول.
فكأنّا نزداد قربا الى الجن ... ة فى كلّ شارق وأصيل.
ووجوه البقاع تنتظر الغي ... ث انتظار المحبّ ردّ الرّسول.
تبتغى غلّة لتعمل روضا ... بكثير من الحبا أو قليل.
وقال آخر:
اشرب على طيب الزمان فقد حدا ... بالصّيف من أيلول أسرع حاد.
وأشمّنا باللّيل برد نسيمه ... فارتاحت الأرواح فى الأجساد.
وأفاك بالأنداء قدّام الحيا ... فالأرض للأمطار فى استعداد.
كم فى ضمائر تربها من روضة ... بمسيل ماء أو قرارة واد.
تبدو إذا جاد السّحاب بقطره ... فكأنما كانا على ميعاد.