للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: ما له ولهذه العجوز يصف جمالها! ووبّخه الصاحب بن عبّاد فى قوله فيها:

رواق العز فوقك مسبطّر ... وملك علىّ ابنك فى كمال

قال أبو الحسن علىّ بن رشيق الأزدى فى كتابه المترجم بالعمدة وبالأغانى [١] أيضا: أشدّ ما هجّن هذه اللفظة وجعلها مقام قصيدة من الهجاء أنه قرنها «بفوقك» فجاء عملا تامّا لم يبق فيه إلا الإفضاء. وإن يكن المتنبى أخطأ فى هذا فلقد أجاد فى غيره؛ والفاضل من عدّت سقطاته، وحفظت هفواته وفلتاته؛ وانظر إلى قوله فى أخت سيف الدولة:

يا أخت خير أخ يا بنت خير أب ... كناية بهما عن أشرف النسب

أجلّ قدرك أن تدعى مؤنّثة ... ومن يصفك فقد سمّاك للعرب

وقوله أيضا:

ولو كان النساء كمن فقدنا ... لفضّلت النساء على الرجال

مشى الأمراء حوليها حفاة ... كأن المرو من زفّ [٢] الرئال

ومن جيّد ما رثى النساء به وأشدّه تأثيرا فى القلب وإثارة للحزن قول ابن عبد الملك ابن الزيّات فى أمّ ولده:

ألا من رأى الطفل المفارق أمّه ... بعيد الكرى عيناه تبتدران

رأى كلّ أمّ وابنها غير أمّه ... يبيتان تحت الليل ينتجيان

وبات وحيدا فى الفراش تحثّه ... بلابل قلب دائم الخفقان


[١] لم يذكر أبو الفرج فى النسخ التى تحت أيدينا من كتابه الأغانى شيئا عن المتنبى مع أنه كان من معاصريه.
[٢] الزف: ريش النعام. والرئال: جمع رأل، وهو ولد النعام.