للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن بخل بك صاحبك وشحّ عليك. طوبى للأبرار الذين أطلعونى من قلوبهم على الرضا، ومن ضميرهم على الصدق والاستقامة! طوبى لهم! ما لهم عندى من الخير إذا وفدوا إلىّ من قبورهم [إلا [١]] النور يسعى أمامهم والملائكة حافّون بهم حتى أبلّغهم ما يرجون من رحمتى.

وقال عمّار بن سعيد: مرّ عيسى بن مريم عليه السلام بقرية فإذا أهلها موتى فى الأفنية والطرق، فقال: يا معشر الحواريّين، إن هؤلاء ماتوا عن سخطة، ولو ماتوا عن غير ذلك لتدافنوا. فقالوا: يا روح الله، وددنا أنّا علمنا خبرهم، فسأل الله تعالى فأوحى اليه: إذا كان الليل فنادهم يجيبوك. فلما كان الليل أشرف على نشز، ثم نادى يأهل القرية، فأجابه مجيب: لبّيك يا روح الله. فقال: ما حالكم وما قصّتكم؟ قال: بتنا فى عافية وأصبحنا فى الهاوية. قال: وكيف ذاك؟ قال [٢] : لحبّنا الدنيا وطاعتنا أهل المعاصى. قال: وكيف كان حبّكم للدنيا؟ قال: حبّ الصبىّ لأمّه، إذا أقبلت فرح بها، وإذا أدبرت حزن وبكى عليها. قال: فما بال أصحابك لا يجيبونى؟ قال: لأنهم ملجمون بلجم من نار بأيدى ملائكة غلاظ شداد. قال:

فكيف أجبتنى من بينهم؟ قال: لأنّى كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل بهم العذاب أصابنى معهم، فأنا معلّق على شفير جهنّم لا أدرى أنجو منها أم أكبّ فيها.

فقال المسيح للحواريّين: لأكل الخبز الشعير بالملح الجريش ولبس المسوح والنوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا والآخرة.

قيل: وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن يا موسى لا تركننّ إلى حبّ الدنيا فلن تأتينى بكيرة هى أشدّ منها.


[١] زيادة عن الإحياء (ج ٣ ص ١٨٨)
[٢] فى الأصل وفى الإحياء: «قالوا» والسياق يقتضى الإفراد.