للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو سعيد الخرّاز: التوكّل اضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب.

أشار بالأوّل إلى فزعه إلى الله تعالى وابتهاله وتضرّعه بين يديه كاضطراب الطفل بيديه إلى أمّه؛ وبالثانى إلى سكون القلب إلى الوكيل وثقته به [١] . وقال أبو علىّ الدقّاق: التوكّل على ثلاث درجات: التوكّل ثم التسليم ثم التفويض، فالمتوكّل يسكن إلى وعده، وصاحب التسليم يكتفى بعلمه، وصاحب التفويض يرضى بحكمه.

وقال: التوكّل بداية، والتسليم وسائط، والتفويض نهاية. وقال: التوكّل صفة المؤمنين، والتسليم صفة الأولياء، والتفويض صفة الموحّدين.

وسئل ابن عطاء عن حقيقة التوكّل فقال: ألّا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدّة فاقتك إليها، ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحقّ مع وقوفك عليها.

وقال أبو نصر السرّاج: شرط التوكّل ما قاله أبو تراب النّخشبىّ وهو طرح البدن فى العبودية وتعلّق القلب بالربوبيّة والطّمأنينة إلى الكفاية، فإن أعطى شكر [٢] ، وإن منع صبر. وكما قال ذو النّون: التوكّل ترك تدبير النفس والانخلاع من الحول والقوّة. وقال أبو بكر الدقّاق: التوكّل ردّ العيش إلى يوم واحد وإسقاط همّ غد.

وسئل ذو النون: ما التوكّل؟ فقال: خلع الأرباب، وقطع الأسباب. فقال السائل: زدنى؛ فقال: إلقاء النفس فى العبودية وإخراجها من الرّبوبيّة. وقال مسروق: التوكّل الاستسلام لجريان [٣] القضاء والأحكام. وقال أبو عثمان: التوكّل الاكتفاء بالله مع الاعتماد عليه. وقيل: التوكل الثقة بما فى يد الله واليأس مما فى يد الناس. وقيل: التوكّل فراغ السرّ عن التفكّر فى التقاضى فى طلب الرزق.


[١] كذا فى الإحياء. وفى الأصل: «وبالثانى الى سكون القلب الى التوكل وثقة به» .
[٢] فى الأصلين: «سكن» والسياق يقتضى ما أثبتناه.
[٣] فى الأصل: «بجريان» بالباء ولم نجد هذا الفعل يتعدى بالباء