الحالة ضرر عليهم، لأنه يدعهم بلا إمام ويعرّضهم للاجتهاد فى نصب غيره، وقد يصيبون فى ذلك أو يخطئون.
فصل- وإذا أمّر الإمام أمراء واستقضى قضاة ثم مات، كان أمراؤه وقضاته على أعمالهم كما كانوا فى حياته ولا ينعزلون، وليسوا كالوكيل ينعزل بموت الموكّل، لأن الوكالة نيابة، والولاية شركة. هذا ما قاله الحليمىّ، والله تعالى أعلم. فهذه الشرعية التى لا بدّ منها فى حقّ الإمام.
وأما الشروط العرفية والاصطلاحية، وهى ما ينبغى أن يأتيه الملك من جميل الفعال، ويذره من قبيح الخصال.
قال معاوية بن أبى سفيان: مهما كان فى الملك فلا ينبغى أن تكون فيه خمس خصال: لا ينبغى أن يكون كذّابا، فإنه إذا كان كذّابا فوعد بخير لم يرج، وإن وعد بشرّ لم يخف؛ ولا ينبغى أن يكون بخيلا، فإنه إذا كان بخيلا لم يناصحه أحد، ولا تصلح الولاية إلا بالمناصحة؛ ولا ينبغى أن يكون حديدا، فإنه إذا كان حديدا مع القدرة هلكت الرعيّة؛ ولا ينبغى أن يكون جسودا، فإنه إذا كان حسودا لم يشرّف أحدا، ولا يصلح الناس إلا على أشرافهم؛ ولا ينبغى أن يكون جبانا، فإنه إذا كان جبانا اجترأ عليه عدوّه.
وقال ابن المقفّع: ليس للملك أن يغضب، لأن القدرة من وراء حاجته؛ وليس له أن يكذب، لأنه لا يقدر على استكراهه على غير ما يريد؛ وليس له أن يبخل، لأنه أقلّ الناس عذرا فى خوف الفقر؛ وليس له أن يكون حقودا، لأن خطره أعظم من المجازاة.