للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيّده وهو مسئول عنه فكلّكم راع وكلكم مسئول عن رعيّته»

قال بعض الشعراء:

فكلّكم راع ونحن رعيّة ... وكلّ سيلقى ربّه فيحاسبه

وقالت الحكماء: إمام عادل خير من مطر وابل، وإمام غشوم خير من فتنة تدوم.

يقال: إنّ جمشيد [١] أحد ملوك الفرس الأول، لما ملك الأقاليم عمل أربعة خواتيم: خاتما للحرب والشّرطة وكتب عليه الأناة، وخاتما للخراج وكتب عليه العمارة، وخاتما للبريد وكتب عليه الوحا [٢] ، وخاتما للمظالم وكتب عليه العدل، فبقيت هذه الرسوم فى ملوك الفرس إلى أن جاء الإسلام.

وقال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: إذا كان الإمام عادلا فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرا فله الوزر وعليك الصبر.

وقال أردشير لابنه: يا بنىّ إن الملك والعدل أخوان لا غنى لأحدهما عن صاحبه، فالملك أسّ والعدل حارس، فما لم يكن له أس فمهدوم، وما لم يكن له حارس فضائع، يا بنىّ اجعل حديثك مع أهل المراتب، وعطيّتك لأهل الجهاد، وبشرك لأهل الدّين، وبرّك لمن عناه ما عناك من ذوى العقول.

وقال بعض الحكماء: يجب على السلطان أن يلتزم العدل فى ظاهر أفعاله لإقامة أمر سلطانه، وفى باطن ضميره لإقامة أمر دينه، فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان؛ ومدار السياسة كلّها على العدل والإنصاف، فلا يقوم السلطان لأهل الكفر والإيمان إلا بهما، ولا يدور إلا عليهما.


[١] فى الأصل: «حمشيد» بالحاء المهملة، وصوابه جمشيد بالجيم المعجمة، ومعناه: شعاع القمر.
[٢] الوحا: العجلة والإسراع، ويمدّ.