ولما جىء بالهرمزان ملك خوزستان أسيرا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لم يزل الموكّل به يقتفى أثر عمر بن الخطاب رضى الله عنه حتى وجده بالمسجد نائما متوسّدا درّته، فلما رآه الهرمزان قال: هذا هو الملك؟ قيل: نعم؛ فقال له: عدلت فأمنت فنمت، والله إنى قد خدمت أربعة من ملوك الأكاسرة أصحاب التّيجان فما هبت أحدا منهم هيبتى لصاحب هذه الدّرّة.
وقالوا: إذا عدل الإمام خصب الزمان.
وقال ابن عبّاس رضى الله عنهما: إن الأرض لتزّيّن فى أعين الناس إذا كان عليها إمام عادل، وتقبح إذا كان عليها إمام جائر.
وحكى أن كسرى أبرويز نزل متنكّرا بامرأة، فحلبت له بقرة فرأى لها لبنا كثيرا، فقال لها: كم يلزمك فى السنة على هذه البقرة للسلطان؟ فقالت: درهم واحد؛ فقال:
وأين ترتع وبكم منها ينتفع؟ فقالت: ترتع فى أراضى السلطان، ولى منها قوتى وقوت عيالى؛ فقال فى نفسه: إن الواجب أن أجعل إتاوة على البقور [١] فلأصحابها نفع عظيم؛ فما لبث أن قالت المرأة: أوّه! إن سلطاننا همّ بجور؛ فقال أبرويز:
لمه؟ فقالت: لأن درّ البقرة انقطع، وإن جور السلطان مقتض لجدب الزمان؛ فأقلع عما كان همّ به. وكان يقول بعد ذلك: إذا همّ الإمام بجور ارتفعت البركة.
وقال سقراط: ينبوع فرح العالم الملك العادل، وينبوع حزنهم الملك الجائر.
[١] هكذا فى الأصل. والذى فى كتب اللغة التى تحت أيدينا من جموع هذا الاسم: بقر وأبقر وأبقار وأباقر وبقّار وأبقور، وله أسماء جمع وهى باقر وبقير وبيقور وباقور وباقورة، ولعل ما فى الأصل جمع لبقر والقياس لا يأباه فإن من النحويين من ذهب الى أن فعلا يجمع قياسا على فعول كأسد وأسود وذكر وذكور.