للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البحترىّ فى سليمان بن عبد الله:

كأنّ آراءه والحزم يتبعها ... تريه كلّ خفىّ وهو إعلان

ما غاب عن عينه فالقلب يكلؤه ... وإن تنم عينه فالقلب يقظان

وقال أيضا:

كأنّه وزمام الدّهر فى يده ... يرى عواقب ما يأتى وما يذر

وقال آخر:

يرى العواقب فى أثناء فكرته ... كأنّ أفكاره بالغيب كهّان

وقال آخر:

بديهته وفكرته سواء ... إذا ما نابه الخطب الخطير

وأحزم ما يكون الدهر يوما ... إذا عجز المشاور والمشير

ومن الناس من كره أن يشير، فمنهم عبد الله بن المقفّع؛ وذلك أنّ عبد الله ابن علىّ استشاره فيما كان بينه وبين المنصور؛ فقال: لست أقود جيشا، ولا أتقلّد حربا، ولا أشير بسفك دم، وعثرة الحرب لا تستقال، وغيرى أولى بالمشورة فى هذا المكان.

واجتمع رؤساء بنى سعد إلى أكثم بن صيفىّ يستشيرونه فيما دهمهم يوم الكلاب؛ فقال: إنّ وهن الكبر قد فشا فى بدنى، وليس معى من حدّة الذّهن ما أبتدئ به الرأى، ولكن اجتمعوا وقولوا، فإنّى إذا مرّ بى الصواب عرفته. وسيأتى خبر كلامه فى وقائع العرب؛ وإنما أوردناه فى هذا الموضع لدخوله فيه والتئامه به، ومناسبته له، لا على سبيل السهو والتّكرار لغير فائدة.