للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابع: السفارة فى استيفاء حقوق السّلطنة التى للملك وعليه، من غير مباشرة قبض ولا إقباض [١] . ويحتاج فى هذه السفارة إلى الرهبة فيما يستوفيه للملك، وإلى اللّطف فيما يتنجّزه منه.

والخامس السفارة فى اختيار العمّال، ومشارفة الأعمال؛ لينهى حال من يرى تقليده وعزله من غير أن يباشر تقليدا ولا عزلا؛ لانّ التقليد والعزل داخل فى وزارة التفويض خارج عن وزارة التنفيذ. وشروط هذه السفارة: أن يكون جيّد الحدس، صحيح الاختيار، قليل الاغترار، عارفا بكفاة [٢] العمّال ومقادير الأعمال، ليحمد اختياره، ويقلّ عثاره.

والثانى من قوانينها: أن يمدّ الملك برأيه ومشورته؛ فإن الملك مع جزالة رأيه وصحّة رويّته محجوب الشخص عن مباشرة الأمور، فصار محجوب الرأى عن الخبرة بها. فاحتاج إلى بارز الشخص بالمباشرة، ليكون بارز الرأى بالخبرة؛ فليس الشاهد كالغائب، ولا المخبر كالمعاين. والوزير أحقّ بهذه المرتبة. وله فى المشورة حالتان:

إحداهما: أن يبتدئه الملك بالاستشارة، فيلزمه أن يشير فيها برأيه سواء اختصّت بملكه أو تعدّت إلى غيره. وعلى الوزير فيها حقّان: أحدهما: اجتهاد رأيه فى إيضاح الصواب. والثانى: إبانة صحّته بتعليل الجواب ليكون مجيبا ومحتجّا؛ فيكفى توهّم الزّلل ويسلم من ظنّة الارتياب.


[١] قبض وإقباض: أى تسلم وتسليم. والموجود فى كتب اللغة التى بين أيدينا متعديا من هذه المادة «قبّض» بالتضعيف. ويصح «إقباض» على القول بأن تعدية الفعل بالهمزة قياسية.
[٢] كفاة: جمع كافى، من الكفاية وهى الاضطلاع بالأمر.