للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه صدق قوى من كذبه. فإن قصّر فيها حتى خفيت، أو استرسل فيها حتى تدلّست كان مؤاخذا بجرم التقصير، وجريرة الضرر.

والثانى: أن يعجّل مطالعة الملك بها ولا يؤخّرها، وإن جاز تأخير العمل بها؛ لأن عليه الإنهاء، وليس عليه العمل. وإذ كان من الملك بمنزلة عينه وأذنه اللتين يتعجّل [العلم [١]] بهما، وجب أن يجرى معه على حكمهما؛ ليستدرك الملك ما يجب تعجيله، ويقدّم الرّويّة فيما يجوز تأخيره. فإن أخّر الوزير إعلام الملك بها وقد حسم ضررها، كان للنصيحة مؤدّيا، ومن الملك على وجل.

والثالث: أن يوضّح له حقائق الأمور، ويساوى فيها بين الصغير والكبير، فلا يمايل [٢] قريبا، ولا يتحيّف بعيدا، ولا يعظّم من الأمور صغيرا، ولا يصغّر منها عظيما. فإن خاف من صغار الأمور أن تصير كبارا، أو كبارها أن تعود صغارا، أخبر بحقائقها فى المبادئ، وذكر ما تؤول إليه فى العواقب؛ ليكون بالمبادئ مخبرا، وفى الغايات مشيرا. فإن أخبر بالغايات وأعرض عن ذكر المبادئ، كان تدليسا، وكان بالإنكار حقيقا وبالذمّ جديرا.

والرابع من قوانينها: أن يفتدى راحة الملك بتعبه، ويقى دعته بنصبه؛ ولا يغيب إذا أريد، ولا يسأم إذا أعيد؛ لأنه لسان الملك إذا نطق، وعينه إذا رمق، ويده إذا بطش؛ فلا يبعد عن دعائه، ولا يضجر من ندائه؛ لأن عوارض الملك من هواجس أفكاره وتقلّب خاطره. وقد يتجدّد مع الأوقات ما لا [٣] تعرف أسبابه، ولا تتعيّن


[١] زيادة عن «قوانين الوزارة» .
[٢] مايله: مالأه وساعده.
[٣] كذا فى قوانين الوزارة. وهو الذى ينسجم به الكلام. وفى الأصل: ما لم تعرف ... » .