للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسخوط عليه والمظنون به عند السلطان، ولا يجمعنك وإياه مجلس ولا منزل، ولا تظهرنّ له عذرا ولا تثنينّ عليه خيرا. فإذا رأيته قد بلغ فى الإعتاب مما [١] سخط عليه [فيه [٢]] ما ترجو أن يلين له الملك، واستيقنت أن الملك قد تحقق مباعدتك إياه وشدّتك عليه، فضع عند ذلك عذره عند الملك، واعمل فى إرضائه بالرفق واللطف.

وإذا أصبت الجاه عند الملك وكانت لك خاصة منزلة، فلا يحدثن لك ذلك تغيّرا على أهله وأعوانه واستغناء عنهم، فإنك لا تدرى متى [٣] ترى أدنى جفوة فتذلّ لهم [٤] . وإن استطعت أن يعرف صاحبك أنك تنحله صواب رأيك فضلا عن صوابه فتسند ذلك إليه وتزينه به، فإن الذى أنت بذلك آخذ أفضل من الذى أنت به معط.

(واعلم أن السلطان يقبل من الوزراء التبخيل ويعدّه منهم شفقة ونظرا ويحمدهم عليه وإن كان جوادا. فإن كنت مبخّلا فقد غششت [٥] صاحبك بفساد مروءته، وإن كنت مسخّيا لم تأمن إضرار ذلك بمنزلتك. فالرأى لك تصحيح النصيحة والتماس المخرج، بألا يعرف منك ميلا إلى شىء من هواك [٦] ) .

فهذه نبذة من وصايا أصحاب السلطان يكتفى بها اللبيب، ويتمسك بها الأريب.

وقد قدّمنا فى شروط الوزارة ما يحتاج صاحب السلطان إلى استعما فى خدمته.

فلنذكر ما يحتاج إليه نديم الملك ومؤاكله.


[١] كذا فى الأدب الكبير. والإعتاب: رجوع المعتوب عليه الى ما يرضى العاتب، كالعتبى، وفى الأصل: « ... فى الإعتاب فيما ... » .
[٢] زيادة من الأدب الكبير.
[٣] كذا فى الأدب الكبير. وفى الأصل: «فانك لا تدرى حتى ترى ... » .
[٤] كذا فى الأدب الكبير، وفى الأصل: «فتذل له» .
[٥] فى الأدب الكبير: «شنت صاحبك ... » .
[٦] وردت هذه الجملة التى بين القوسين فى صفحة ١١ من هذا الجزء بتغيير يسير عما هنا.