للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو وافق رأيه ومذهبه على من باينه فى النسب أو خالفه فى رأى ومذهب، فيظهر من المباينة ما تفرّق به الكلمة الجامعة تشاغلا بالتقاطع والاختلاف. فقد أغضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين وهم أضداد فى الدين، وأجرى عليهم حكم الظاهر حتى قويت بهم الشوكة وكثر بهم العدد وتكاملت بهم العدّة، ووكلهم فيما أضمروه من النفاق إلى الله تعالى. قال الله تعالى: وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ

قيل فيه: الدولة، وقيل: القوّة.

والثانى- تدبير الحرب. قال الماوردىّ: والمشركون فى دار الحرب صنفان، صنف منهم بلغتهم دعوة الإسلام فامتنعوا منها وتأبّوا [١] عليها. فأمير الجيش مخيّر فى قتالهم بين أن يبيّتهم ليلا ونهارا بالقتل والتحريق، وبين أن ينذرهم الحرب ويصافّهم فى القتال. والصنف الثانى لم تبلغهم دعوة الإسلام وهم قليل جدّا، إلا أن يكونوا وراء من يلى هذه البلاد الإسلامية من الترك والروم فى مبادئ بلاد المشرق وأقاصى المغرب، فيحرم عليه الإقدام على قتالهم غرّة وبياتا، وأن يبدأهم بالقتال قبل إظهار دعوة الإسلام لهم وإعلامهم من معجزات النبوّة وظهور الحجة ما يقودهم إلى الإجابة. فإن أقاموا على الكفر بعد ظهورها لهم، حاربهم وصاروا فيه كمن بلغتهم الدعوة. قال الله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

معناه إلى دين ربّك بالنبوّة والقرآن. فإن بدأ بقتالهم قبل دعائهم إلى الإسلام وإنذارهم بحججه وقتلهم غرّة وبياتا، ضمن ديات نفوسهم. وهى على الأصح من مذهب الشافعى كديات المسلمين. وقيل: بل تكون كديات الكفار على اختلافها. وإذا تقابلت الصفوف فى الحرب جاز لمن قاتل من المسلمين أن يعلّم بما


[١] كذا فى الاحكام السلطانية، وفى الأصل: «وقاتلوا عليها» .