للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا الأمير، اذا فوّضت اليه الإمارة على المجاهدين، أن ينظر فى أحكامهم ويقيم الحدود عليهم وسواء من ارتزق منهم أو تطوّع. ولا ينظر فى أحكام غيرهم ما كان سائرا الى ثغره. فإذا استقرّ فى الثغر الذى تقلّده، جاز أن ينظر فى أحكام جميع أهله من مقاتلة ورعيّة. وإن كانت إمارته خاصة أجرى عليها حكم الخصوص.

وأما وصايا أمير الجيش- قال الحليمىّ: ويوصى الإمام أمير السريّة والجند بتقوى الله وطاعته والاحتياط والتيقّظ، ويحذّرهم الشّتات والفرقة والإهمال والغفلة، ويأخذ على الجند أن يسمعوا ويطيعوا أميرهم ولا يختلفوا عليه وينصحوا له، ولا يخذل [١] بعضهم بعضا، وإن أظفرهم الله على العدوّ لا يغلّوا ولا يخونوا، ولا يعقروا من دوابّ المشركين التى لا تكون تحتهم، ولا يقتلوا امرأة لا تقاتلهم ولا وليدا، وأنهم إن وصلوا إلى قرية لا يدرون حالها، أمسكوا عنها وعن أهلها ولا يبيّتونهم ولا يشنّون الغارة عليهم حتى يعلموا حالهم؛ إلى غير ذلك من الآداب التى يحتاجون إلى معرفتها مما يلزم ويحلّ أو يحرم من أمر القتل والأسر والمغنم والقسم وعزل الخمس ومن يسهم له أولا يسهم ومن يرضخ [له [٢]] ، والفرق بين الفارس والراجل ونحو ذلك.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الجرّاح أنه

بلغنى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا أو سريّة قال: «باسم الله وفى سبيل الله تقاتلون من كفر بالله لا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا امرأة ولا وليدا»

. فإذا بعثت جيشا أو سريّة فمرهم بذلك.


[١] يخذل: يجوز أن يقرأ بتخفيف الذال فيكون من الخذلان، وبتشديدها فيكون من التخذيل.
والخذلان: ترك النصرة. والتخذيل: التثبيط والحمل على ترك النصرة.
[٢] يقال: رضخ له من ماله اذا أعطاه عطية قليلة. فالزيادة التى وضعناها تقتضيها اللغة.