للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى القدوم فأذن له؛ فلما وصل اليه قال له معاوية: كبرت سنك، واقترب أجلك، ولم يبق منك شىء، ولا أظنّنى إلا مستبدلا بك. قال: فانصرف والكآبة تعرف فى وجهه؛ فقيل له: ما تريد أن تفعل [١] ؟ فقال: ستعلمون ذلك. ثم أتى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ الأنفس يغدى عليها ويراح، ولست فى زمن أبى بكر ولا عمر، وقد اجترح الناس، ولو نصبت لنا علما من بعدك نصير اليه! مع أنى كنت قد دعوت أهل العراق الى يزيد فركنوا اليه حتى جاءنى كتابك؛ قال: يا أبا محمد، انصرف الى عملك فأحكم هذا الأمر لابن أخيك، وأعاده على البريد يركض.

وقيل: جاء بازيار [٢] لعبد الله بن طاهر فأعلمه أن بازيا له انحط على عقاب له فقتلها؛ فقال: اذهب فاقطف رأسه، فإنى لا أحبّ الشىء أن يجترئ على ما فوقه.

وأراد أن يبلغ ذلك المأمون فيسكن الى جانبه.

قال الشعبىّ: وجّهنى عبد الملك بن مروان الى ملك الروم، فلما قدمت عليه ودفعت اليه كتاب عبد الملك، جعل يسألنى عن أشياء فأخبره بها، فأقمت عنده أياما، ثم كتب جواب كتابى، فلما انصرفت دفعته الى عبد الملك، فجعل يقرؤه ويتغيّر لونه، ثم قال: يا شعبىّ، علمت ما كتب به إلىّ الطاغية؟ قلت: يا أمير المؤمنين، كانت الكتب مختومة ما قرأتها وهى اليك؛ فقال: إنه كتب إلىّ: إنّ العجب من قوم يكون فيهم مثل من أرسلت به إلىّ فيملّكون غيره؛ فقال: قلت يا أمير المؤمنين لأنه لم يرك؛ قال: فسرّى عنه، ثم قال: إنه حسدنى عليك فأراد أن أقتلك.

قال: ولمّا ظفر الجنيد بن عبد الرحمن- وهو يلى خراسان فى أيام هشام- بصبيح الخارجىّ وبعدّة من أصحابه فقتلهم جميعا إلا رجلا أعمى [قال هذا الرجل [٣]] أنا أدلّك


[١] تكررت فى الأصل جملة «فقيل له ما تريد أن تفعل» سهوا من الناسخ.
[٢] البازيار: القيم على البزاة أو المتجربها.
[٣] زيادة يقتضيها السياق.