للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما البلوغ- فلأن غير البالغ لا يجرى عليه قلم، ولا يتعلّق بقوله على نفسه حكم، فكان أولى ألّا يتعلّق به على غيره.

وأما العقل-[فهو مجمع على اعتباره، و [١]] لا يكتفى فيه بالعقل الذى يصحّ معه التكليف من العلم بالمدركات الضروريّة، حتى يكون صحيح التمييز جيّد الفطنة بعيدا من السهو والغفلة، ليتوصّل بذكائه الى وضوح ما أشكل، وحلّ ما أبهم وأعضل.

وأما الحرّيّة- فنقص العبد عن ولاية نفسه يمنع من انعقاد ولايته على غيره، ولأن الرّقّ لمّا منع من قبول الشهادة كان أولى أن يمنع من نفوذ الحكم وانعقاد الولاية. وكذلك الحكم فيمن لم تكمل حرّيته كالمدبّر والمكاتب [٢] ومن رقّ بعضه.

ولا يمنع الرقّ من الفتيا والرواية.

وأما الإسلام- فلقوله عز وجل: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا

. وهو شرط فى قبول الشهادة. ولا يجوز أن يقلّد الكافر القضاء على المسلمين ولا على الكفار. ورأى أبو حنيفة جواز تقليده القضاء بين أهل دينه. وقد جرى العرف فى تقليد الكافر؛ وهو تقليد زعامة ورياسة لا تدخل تحته الأحكام والإلزام بقضائه، ولا يقبل الإمام قوله فيما حكم به بينهم. واذا امتنعوا من تحاكمهم إليه لم يجبروا عليه، وكان حكم الإسلام عليهم أنفذ.

وأما العدالة- فهى معتبرة فى كل ولاية. ومعناها أن يكون الرجل صادق اللهجة، ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحارم، متوقّيا للمآثم، بعيدا من الرّيب، مأمونا


[١] لم يظهر الخظ فى الأصل الفتوغرافى، وهذه التكملة من كتاب الأحكام السلطانية.
[٢] المدبر: العبد الذى يعلق سيده عتقه على موته بأن يقول له: أنت حر بعد موتى. والمكاتب:
العبد الذى يكاتب على نفسه بثمنه فاذا أدّاه عتق.