للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من شعب الحكم، فينبغى أن يكون من يتولّاه فى العدالة والأمانة والعلم الذى يحتاج اليه كمن يتولّى جميع شعبه. وكذلك أصحاب المسائل هم أمناء القاضى على الشهادات التى تتعلّق بها حقوق المسلمين، فلا ينبغى أن يأمن عليها إلا المستحقّ لأن يؤتمن، ولا يثق فيها إلا بمن يستوجب بحسن أحواله الثقة به.

وينبغى للقاضى أن ينزّه نفسه ومن حوله ويشدّد عليهم ولا يرخّص لهم فى أمر ينقمه منهم أو يخشى أن يتطرّقوا به الى غيره ويرتقوا الى ما فوقه. وقد كان عمر بن الخطّاب رضى الله عنه إذا صعد المنبر فنهى الناس عن شىء، جمع أهله فقال: إنى نهيت الناس عن كذا وكذا، وإنّ الناس ينظرون اليكم نظر الطير الى اللحم النّىء، وأقسم بالله لا أجد أحدا منكم فعله إلا أضعفت عليه العقوبة.

قال: ولا ينبغى للإمام ولا القاضى أن يقدّم أقاربه على عامّة المسلمين، ولا يسوّغهم ما لا يسوّغ غيرهم، ولا ينظر لهم بما لا ينظر به لغيرهم، ولا يستعملهم ويولّيهم.

وأما ما يعتمده فى جلوسه- فقد قال الحليمىّ أيضا: واذا أراد الحاكم الجلوس للحكم فليجلس وهو فارغ القلب لا يهمّه إلا النظر فى أمور المتظلّمين. وإن تغيّرت حاله بغضب أو غمّ أو سرور مفرط أو وجع أو ملالة [١] أو اعتراء نوم أو جوع فليقم الى أن يزول ما به ويتمكّن من رأيه وعقله ثم يجلس.

فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقضى [٢] القاضى بين اثنين وهو غضبان»

؛ وعنه


[١] فى الأصل: «أو ملامة» .
[٢] فى صحيح البخارى: «لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان» .