للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضوع على فعل الجائز دون الواجب، فيسوغ فيه مثل هذا عند ظهور الريبة.

فان وقف الأمر على التحالف فهو غاية الحكم الباتّ الذى لا يجوز دفع طالب عنه فى نظر القضاء ولا نظر المظالم. فإن فرّق المدّعى دعاويه وأراد أن يحلف المدّعى عليه فى كل مجلس على بعضها قصدا لإعناته وبذلته، فالذى يوجبه حكم القضاء ألّا يمنع من تبعيض الدعاوى وتفريق الأيمان، والذى ينتجه نظر المظالم أن يؤمر المدّعى بجمع دعاويه عند ظهور الإعنات منه وإحلاف الخصم على جميعها يمينا واحدة.

فأمّا اذا اعتدلت حالة المتنازعين وتقابلت شبهة [١] المتشاجرين ولم يترجح أحدهما بأمارة ولا ظنّة، فينبغى أن يساوى بينهما فى العظة؛ وهذا مما يتّفق عليه القضاة وولاة المظالم. ثم يختصّ ولاة المظالم، بعد العظة، بالإرهاب لهما معا لتساويهما، ثم بالكشف عن أصل الدعوى وانتقال الملك. فإن ظهر بالكشف ما يعرف به المحقّ منهما من المبطل عمل بمقتضاه، وإن لم يظهر بالكشف ما ينفصل به تنازعهما ردّهما الى وساطة من وجوه الجيران وأكابر العشائر؛ فان تحرّر [٢] ما بينهما، وإلا كان فصل القضاء بينهما هو خاتمة أمرهما.

وربما ترافع [٣] الى ولاة المظالم فى غوامض الأحكام ومشكلات الخصام ما يرشده اليه الجلساء ويفتحه [٤] عليه العلماء، فلا ينكر عليهم الابتداء به؛ ولا بأس بردّ الحكم فيه الى من يعلمه منهم.


[١] فى الأحكام السلطانية: «بينة المتشاجرين ... » .
[٢] فى الأحكام السلطانية: «فإن نجز بها ما بينهما» .
[٣] كذا فى الأصل والأحكام السلطانية، ولعلها «رفع» .
[٤] كذا فى الأحكام السلطانية. وفى الأصل، «ويقبحه ... » وهو تحريف.