للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

. وليكن الأدب عليه أظهر، والمعاقبة فيه أكثر. ويجوز له اذا استراب بموازين السّوقة ومكاييلهم أن يختبرها ويعايرها [١] .

ولو كان على ما عايره منها طابع معروف بين العامّة لا يتعاملون إلا به، كان أحوط وأسلم. فإن فعل ذلك وتعامل قوم بغير ما طبع عليه طابعه، توجّه الإنكار عليهم إن كان مبخوسا، من وجهين: أحدهما مخالفته فى العدول عن مطبوعه؛ وإنكاره لذلك من الحقوق السلطانية. والثانى للبخس والتطفيف؛ وإنكاره من الحقوق الشرعية.

وإن كان ما تعاملوا به من غير المطبوع سليما من بخس ونقص، فإنكاره لمجرّد حق السلطنة للمخالفة. وإن زوّر قوم على طابعه، كالبهرج على طابع الدنانير والدراهم، فإن قرن التزوير بغشّ، كان التأديب مستحقّا من الوجهين، وهو أغلظ وأشدّ؛ وإن سلم من الغش كان الإنكار لحق السلطنة خاصّة.

واذا اتّسع البلد حتى احتاج أهله الى عدّة من الكيّالين والوزّانين والنّقّاد، تخيّرهم ناظر الحسبة، ومنع أن ينتدب لذلك إلا من ارتضاه من الأمناء الثّقات. وكانت أجورهم من بيت المال إن اتّسع لها، فإن ضاق عنها قدّرها لهم، حتى لا تجرى [بينهم فيها [٢]] استزادة أو نقصان، فيكون ذلك ذريعة الى الممايلة أو التّحيّف فى مكيل أو موزون. فإن ظهر من أحد ممن اختاره للكيل والوزن تحيّف فى تطفيف أو ممايلة فى زيادة، أدبّ وأخرج منهم ومنع من أن يتعرّض للوساطة بين الناس. وكذلك القول فى اختيار الدلّالين، يقرّ منهم الأمناء ويمنع الخونة.

واذا وقع فى تطفيف تخاصم، جاز أن ينظر المحتسب فيه إن لم يقترن به تجاحد وتناكر، فإن أفضى الى تجاحد وتناكر، كان القضاة أحق بالنظر فيه من ولاة الحسبة،


[١] فى الأصل: «ويعتبرها» ، والتصويب عن الأحكام السلطانية.
[٢] زيادة عن الأحكام السلطانية.