بعضهم حدّ البلاغة بأنها معرفة الفصل والوصل. وقال عبد القاهر: إنه لا يكمل لإحراز الفضيلة فيه أحد إلا كمل لسائر معانى البلاغة.
قال: اعلم أن فائدة [العطف «١» ] التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه، ثم من الحروف العاطفة ما لا يفيد إلا هذا القدر وهو الواو، ومنها ما يفيد «٢» فائدة زائدة كالفاء وثمّ وأو، وغرضنا هاهنا متعلق بما لا يفيد إلا الاشتراك فنقول: العطف إما أن يكون فى المفردات، وهو يقتضى التشريك فى الإعراب، وإما أن يكون فى الجمل، وتلك الجملة إن كانت فى قوّة المفرد كقولك: مررت برجل خلقه حسن وخلقه قبيح، فقد أشركت بينهما فى الإعراب [والمعنى «٣» ] لاشتراكهما فى كون كل واحد منهما تقييدا للموصوف، ولا يتصور أن يكون اشتراك بين شيئين حتى يكون هناك معنى يقع ذلك الاشتراك فيه، وحتى يكونا كالنظيرين والشريكين، وبحيث إذا عرف السامع حاله الأوّل عساه يعرف حاله الثانى، يدلك على ذلك أنك اذا عطفت على الأول شيئا ليس منه بسبب ولا هو مما يذكر بذكره لم يستقم، فلو قلت:
خرجت اليوم من دارى، وأحسن الذى [يقول «٤» ] بيت كذا قلت ما يضحك منه، ومن هاهنا عابوا على أبى تمّام قوله:
لا والذى هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريم.
وإن لم تكن فى قوّة المفرد فهى على قسمين:
الأوّل أن يكون معنى إحدى الجملتين لذاته متعلقا بمعنى الأخرى «٥» كما إذا كانت كالتوكيد لها أو كالصفة، فلا يجوز إدخال العاطف عليه، لأنّ التوكيد والصفة