ما لا يكون لزيد تعلق بحديث الخليفة، ولو قلت: زيد طويل وعمرو شاعر لا اختل لفظا، إذ لا مناسبة بين الطويل القامة والشاعر.
وإن كان المحدّث عنه فى الجملتين شيئا واحدا، كقولك: فلان يقول ويفعل ويضرّ وينفع، ويأمر وينهى، ويسىء ويحسن، فيجب إدخال العاطف فإن الغرض جعله فاعلا لأمرين، فلو قلت: يقول يفعل بلا عاطف لتوهّم أن الثانى رجوع عن الأوّل.
وإذا أفاد العاطف الاجتماع ازداد الاشتراك «١» ، كقولك: العجب من أنك أحسنت وأسأت، والعجب من أنك تنهى عن شىء وتأتى مثله، وكقوله:
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا
فإن المعنى جعل الفعلين فى حكم واحد، أى لا تطمعوا أن تروا إكرامنا إيّاكم يوجد مع إهانتكم إيّانا.
قال: وقد يجب إسقاط العاطف فى بعض المواضع لاختلال المعنى عند إثباته كقوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ
فقوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ
كلام مستأنف، وهو إخبار من الله تعالى، فلو أتى بالواو لكان إخبارا عن اليهود بأنهم وصفوا أنفسهم بأنهم يفسدون فيختل المعنى، وكذلك قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ
وأمثال ذلك كثيرة؛ واذا كان كذلك فلا حاجة الى العاطف بخلاف قوله تعالى: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ