والمقصود إثبات المعنى فى نفسه للشىء من غير التعرّض لحديث المفعول، فكأنك قلت: بحيث يكون منه حلّ وعقد وأمر ونهى ونفع وضرّ، وعليه قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
أى هل يستوى من له علم ومن لا علم له من غير أن ينص على معلوم، وكذلك قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى
الى قوله: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى
وبالجملة فمتى كان الغرض بيان حال الفاعل فقط فلا تعدّ الفعل، فإنّ تعديته تنقض الغرض. ألا ترى أنك اذا قلت: فلان يعطى الدنانير كان المقصود بيان جنس ما يتناوله الإعطاء لا بيان حال كونه معطيا؟.
الثانى: أن يكون له مفعول معلوم إلا أنه يحذف فى اللفظ لأغراض:
الأوّل: أن يكون المراد بيان حال الفاعل وأنّ ذلك الحال «١» دأبه لا بيان المفعول كقول طفيل:
جزى الله عنا جعفرا حين أزلفت ... بنا نعلنا فى الواطئين فزلّت
أبوا أن يملّونا ولو أنّ أمنا ... تلاقى الّذى لاقوه منّا لملّت
هم خلطونا بالنفوس «٢» وألجؤا ... الى حجرات أدفأت وأظلّت
والأصل أن تقول: لملّتنا وألجؤونا وأدفأتنا وأظلّتنا، فحذف المفعول المعيّن من هذه المواضع الأربعة، وكأنه «٣» قد أبهم ولم يقصد قصد شىء يقع عليه، كما تقول: قد ملّ فلان، تريد قد دخل عليه الملال من غير أن تخصّ شيئا بل لا تزيد على أن تجعل