للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانى: أن تكون الجمل المذكورة يتعلّق بعضها ببعض، وهناك تظهر قوّة الطبع، وجودة القريحة، واستقامة الذّهن.

ثم [ليس] «١» لهذا الباب قانون يحفظ، فإنه يجىء على وجوه شتّى:

منها الإيجاز، وهو العبارة عن الغرض بأقلّ ما يمكن من الحروف، وهو على ضربين: إيجاز قصر، وإيجاز حذف، وقد تقدّم الكلام على ذلك وذكر أمثلته عند ذكر الفصاحة.

ومنها التأكيد- وهو تقوية المعنى وتقريره، إما بإظهار البرهان، كقول قابوس:

يا ذا الذى بصروف الدهر عيّرنا ... هل عاند الدهر إلا من له خطر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ... وتستقرّ بأقصى قعره الدّرر

وفى السماء نجوم ما لها «٢» عدد ... وليس يخسف إلا الشمس والقمر

وإما بالعزيمة، كقوله تعالى: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌ

وقوله تعالى:

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ

وكقول الأشتر النّخعىّ:

بقّيت وفرى وانحرفت عن العلا ... ولقيت أضيافى بوجه عبوس

إن لم أشنّ على ابن حرب غارة ... لم تخل يوما من نهاب نفوس

يريد معاوية بن أبى سفيان، وكقول أبى نواس.

لا فرّج الله عنّى إن مددت يدى ... إليه أسأله من حبّك الفرجا