للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنّ هاتا للحاضر، وتلك للغائب، فكانتا متقابلتين؛ وقد تجىء المطابقة بالنفى [والإثبات «١» ] كقول البحترىّ:

تقيّض «٢» لى من حيث لا أعلم النوى ... ويسرى إلىّ الشوق من حيث أعلم.

وقال الزكىّ بن أبى الإصبع المصرىّ فى الطباق: وهو على ضربين: ضرب يأتى بألفاظ الحقيقة، وضرب يأتى بألفاظ المجاز، فما كان بلفظ [الحقيقة «٣» ] سمّى طباقا وما كان بلفظ المجاز سمّى تكافؤا، فمثال التكافؤ قول أبى الأشعث العبسىّ من إنشادات قدامة:

حلو الشمائل وهو مرّ باسل ... يحمى الذّمار صبيحة الإرهاق

لأن «٤» قوله: حلو ومرّ خارج مخرج الاستعارة، إذ ليس الإنسان ولا شمائله مما يذاق بحاسّة الذوق.

ومن أمثلة التكافؤ قول ابن رشيق:

وقد أطفأوا شمس النهار وأوقدوا ... نجوم العوالى فى سماء عجاج

وقد جمع دعبل فى بيته المتقدّم بين الطباق والتكافؤ، وهو:

لا تعجبى يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى

لأن ضحك المشيب مجاز، وبكاء الشاعر حقيقة.

قال: هكذا قال ابن أبى الإصبع، وفيه نظر، لأنه إذا كان الطباق عنده هو التضادّ من حقيقتين، والتكافؤ التضادّ من مجازين، فليس فى البيت ما شرطه.