وحكى عن الأصمعىّ أنه سئل عن أشعر الناس فقال: الذى يأتى إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كثيرا، وينقضى كلامه قبل القافية، فإن احتاج إليها أفاد بها معنى، فقيل له: نحو من؟ فقال: نحو الفاتح لأبواب المعانى امرئ القيس حيث قال:
كأنّ عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع «١» الذى لم يثقّب
ونحو زهير حيث يقول:
كأنّ فتات العهن فى كلّ منزل ... نزلن به حبّ الفنا «٢» لم يحطّم
ومن أبلغ ما وقع فى هذا الباب قول الخنساء:
وإنّ صخرا لتأتمّ العفاة «٣» به ... كأنه علم فى رأسه نار
ومنه قول ابن المعتزّ لابن طباطبا العلوى:
فأنتم «٤» بنو بنته دوننا ... ونحن بنو عمّه المسلم
ومن أمثلة ذلك من شعر المتأخرين قول الباخرزىّ:
أنا فى فؤادك فارم طرفك نحوه ... ترنى فقلت لها وأين فؤادى
وقول آخر:
تعجّبت من ضنى جسمى فقلت لها ... على هواك فقالت عندى الخبر.