من الأنواع؛ واذا أراد الحلّ بالمعنى فلتكن ألفاظه مناسبة لألفاظ البيت المحلول غير قاصرة عنها، فمتى قصرت عنها ولو بلفظة واحدة فسد ذلك الحلّ وعدّ معيبا؛ واذا حلّ باللفظ فلا يتصرّف بتقديم ولا تأخير ولا تبديل إلا مع مراعاة نظام الفصاحة فى ذلك، واجتناب ما ينقص المعنى ويحطّ رتبته؛ وهذا الباب لا تنحصر المقاصد فيه، ولا حجر على المتصرّف فيه.
قال: ومما وقع التصرّف فيه بزيادة على المعنى قول ضياء الدين بن الأثير الجزرىّ فى ذكر العصا التى يتوكّأ عليها الشيخ الكبير: وهذه لمبتدا ضعفى خبر، ولقوس ظهرى وتر، واذا كان إلقاؤها دليلا على الإقامة فإنّ حملها دليل على السّفر.
والمحلول فى ذلك قول بعضهم:
كأنّنى قوس رام وهى لى وتر
وقول الآخر:
فألقت عصاها واستقرّت بها النوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر.
وأما ما يحتاج فيه الى مؤاخاة القرينة المحلولة بمثلها أو ما يناسبها فكما قال المولى شهاب الدين محمود فى تقليد:
فكم ملّ ضوء الصبح مما يغيره، وظلام النّقع مما يثيره؛ وحديد الهند مما يلاطمه والأجل مما يسابقه الى قبض الأرواح ويزاحمه.
والقرينتان الأوليان نصفا بيتين للمتنبّى، فأضاف الى كل قرينة ما يناسبها، وهذا من أكثر ما يستعمل فى الكتابة، ولا ينبغى للكاتب أن يعتمد فى جميع كتابته على الحلّ، فيتّكل خاطره على ذلك، ويذهب رونق الطبع السليم، وتقلّ مادّة الانسجام بل يكون استعمال ذلك كاستعمال البديع اذا أتى عفوا من غير تكلّف ليكون كالشاهد