ويرى جمعه من كل طرف، ولا يسرف فى الإقامة عليه إلا إذا علم أن الخير فى السّرف؛ وليحرز جمعهم، ويسبق إلى التحرّز منهم بصرهم وسمعهم؛ وينظرهم بعين منعها الحزم أن ترى العدد الكثير قليلا، وصدّها العزم أن ترى العدوّ الحقير جليلا؛ بل ترى الأمر على فصّه، وتروى الخبر على نصّه؛ وإن وجد مغرّرا فليأخذ خبره، إن قدر على الإتيان بعينه وإلّا فليذهب أثره؛ ولا يهيج فيما لديه نار حرب إلا بعد الثقة بإطفائها، ولا يوقظ [عليه «١» ] عين عدوّ مهما «٢» ظهر له أن [المصلحة «٣» فى إغفائها] ؛ وليكشف من أمورهم ما يبدى عند الملتقى عورتهم، ويخمد فى حالة الزّحف فورتهم؛ وليجعل قلبه فى ذلك ربيئة طرفه، وطليعة طرفه، وسريّة كشفه والله تعالى يمدّه بلطفه، ويحفظه بمعقّبات من بين يديه ومن خلفه.
واذا كتب عن الملك فى أوقات حركات العدوّ الى أهل الثغور يعلمهم بالحركة للقاء العدوّ، فليبسط القول فى وصف العزائم، وقوّة الهمم، وشدّة الحميّة للدين، وكثرة العساكر والجيوش، وسرعة الحركة، وطىّ المراحل، ومعالجة العدوّ، وتخييل أسباب النصر، والوثوق بعوائد الله فى الظّفر، وتقوية القلوب منهم، وبسط آمالهم، وحثّهم على التيقظ، وحضّهم على حفظ ما بأيديهم، وما أشبه ذلك، ويبرزه فى أمتن «٤» كلام وأجلّه وأمكنه، وأقربه من القوّة والبسالة، وأبعده من اللّين والرقّة، ويبالغ فى وصف الإنابة إلى الله تعالى، واستنزال نصره وتأييده، والرجوع إليه فى تثبيت