نجمع عليه الأنامل؛ اللهمّ إلّا أن يكون ذلك اللّاجئ للغلّ مسرّا، وعلى عداوة الإسلام مصرّا؛ فيكون هو الجانى على نفسه، والجانى على موضع رمسه؛ ولمّا كان من تقدّم بالمملكة الفلانية قد زيّن له الشيطان أعماله، وعقد بحبال الغرور آماله؛ وحسّن له التمسّك بالتّتار الذين هم بمهابتنا محصورون فى ديارهم، مأسورون فى حبائل إدبارهم؛ عاجزون عن حفظ ما لديهم، قاصرون عن ضبط ما استلبته سرايانا المنصورة من يديهم؛ ليس منهم إلا من له عند سيوفنا ثار، ومن يعلم أنه لا بدّله عندنا من خطّتى خسف: إما القتل أو الإسار؛ وحين تمادى المذكور فى غيّه، وحمله الغرور على ركوب جواد بغيه؛ أمرنا جيوشنا المنصورة فجاست خلال تلك الممالك وداست حوافر خيلها ما هنالك، وساوت فى عموم القتل والأسر بين العبد والحرّ والمملوك والمالك؛ وألحقت رواسى جبالهم بالصّعيد، وجعلت حماتهم كزروع فلاتهم منها قائم وحصيد؛ فأسلمهم الشيطان ومرّ، وتركهم وفرّ، وماكرهم وما كرّ وأعلمهم أن الساعة موعدهم «والسّاعة أدهى وأمرّ» وأخلقهم ما ضمن لهم من العون وقال لهم: «إنّى برىء منكم إنّى أرى ما لا ترون» ؛ وكان الملك فلان ممّن يريد طرق النجاة فلم ير إليها بسوى الطاعة سبيلا، ويأمل أسباب النجاح فلم يجد عليها غير صدق الانتماء دليلا؛ فأبصر بالخدمة موضع رشده، وأدرك بسعيه نافر سعده؛ وأراه الإقبال كيف تثبت قدمه فى الملك الذى زلّت عنه قدم من سلف، وأظهر له الإشفاق على رعاياه مصارع من أورده سوء تدبير أخيه موارد التّلف، وعرّفه التمسّك بإحساننا كيف احتوت يده على ما لم يبق غضبنا فى يد أخيه منه إلا الأسى والأسف؛ وحسّنت له الثقة بكرمنا كيف يجمل الطلب، وعلّمته الطاعة كيف تستنزل عوارفنا عن بعض ما غلبت عليه سيوفنا وإنما الدنيا لمن غلب؛ وانتمى إلينا فصار من خدم أيّامنا، وصنائع إنعامنا، وقطع علائقه من غيرنا؛ فلجأ منا الى