ومنه: وليعلم أن جيوشنا فى المسير إليه متى قصدت عدوّا سابقت خيولها خيالها، وجارت جيادها ظلالها، وأنفت سنابكها أن تجعل غير جماجم الأعداء نعالها؛ وها هى قد تقدّمت ونهضت لإنجاده، فلو سامها أن تخوض البحار فى سبيل الله لخاضت، أو تصدم الجبال لصدمت.
ومنه: والشرع الشريف مهمّه المقدّم، وأمره السابق على كلّ ما تقدّم؛ فليعل مناره، ويستشفّ من أموره أنواره؛ وينفّذ أحكامه، ويعاضد حكّامه؛ ومن عدل عن حكمه معاندا، أو ترك شيئا من أحكامه جاحدا؛ فقد برئت الذمّة من دمه حتى يفىء الى أمر الله، ويرجع عن عناده وينيب إلى الله؛ فإن الله يهدى إليه من أناب «وهو الّذى يقبل التّوبة عن عباده» .
وأما الرسائل التى تتضمّن أوصاف السلاح وآلات الحرب وأوصاف الخيل والجوارح وأنواع الرياضات وما أشبه ذلك، فالكاتب فيه مطلق العنان، مخلّى بينه وبين فصاحته، موكول إلى اطّلاعه وبلاغته؛ وقد تقدّم من أوصاف السلاح ما فيه كفاية لمن يريد ذلك.
وأما الخيل والجوارح وما يلتحق «١» بذلك من الفهود والضّوارى فلا غنية للكاتب عن معرفته جيادها، والأمارات الدالّة على فراهتها، وكلّ طير من الجارح وأفعاله واستطالته، وكيفيّة فعله، وتمكّنه من الطير والوحش؛ وسنورد إن شاء الله تعالى فى فنّ الحيوان الصامت- وهو الفنّ الثالث من هذا الكتاب- ما يقتدى الكاتب بمثاله، وينسج على منواله.