فقال معاوية: والله يا أمّ الخير ما أردت بهذا إلا قتلى، والله لو «١» قتلتك ما حرجت فى ذلك؛ قالت: والله ما يسوءنى يا ابن هند أن يجرى الله ذلك على يدى من يسعدنى الله بشقائه؛ قال: هيهات يا كثيرة الفضول، ما تقولين فى عثمان بن عفّان؟ قالت:
وما عسيت أن أقول فيه؟ استخلفه الناس «٢» وهم كارهون، وقتلوه وهم راضون؛ فقال:
إيها «٣» يا أمّ الخير، هذا والله أصلك الذى تبنين عليه؛ قالت: لكن الله يشهد «وكفى بالله شهيدا» ما أردت بعثمان نقصا، ولقد كان سبّاقا الى الخيرات، وإنه لرفيع الدّرجات؛ قال: فما تقولين فى طلحة بن عبيد الله؟ قالت: وما عسى أن أقول فى طلحة؟ اغتيل من مأمنه، وأتى من حيث لم يحذر، وقد وعده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجنّة؛ قال: فما تقولين فى الزّبير؟ قالت: يا هذا لا تدعنى كرجيع الضّبع يعرك فلى المركن «٤» ؛ قال: حقا لتقولنّ ذلك، وقد عزمت عليك؛ قالت: وما عسيت أن أقول فى الزّبير ابن عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحواريّه، وقد شهد له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالجنّة، ولقد كان سبّاقا الى كلّ مكرمة فى الإسلام؛ وإنى أسألك بحق الله يا معاوية- فإن قريشا تحدّث أنك من أحلمها- أن تسعنى بفضل حلمك، وأن تعفينى من هذه المسائل، وامض الى ما شئت من غيرها؛ قال: نعم وكرامة، قد أعفيتك، وردّها مكرّمة الى بلدها.