وخطب الحجّاج بعد وقعة دير الجماجم «١» فقال: يا أهل العراق، إنّ الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدّم والعصب والمسامع والأطراف والأعضاء «٢» والشّغاف «٣» ، ثم أفضى الى المخاخ والأصماخ «٤» ، ثم ارتفع فعشّش، ثم باض ففرّخ، فحشاكم نفاقا وشقاقا، وأشعركم خلافا، واتخذتموه دليلا تتّبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا «٥» تستشيرونه؛ فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم وقعة؛ أو يحجزكم إسلام، أو ينفعكم بيان؟ ألستم أصحابى بالأهواز؟ حيث رمتم المكر «٦» ، وسعيتم بالغدر، واستجمعتم للكفر «٧» ، وظننتم أنّ الله خذل «٨» دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفى، تتسلّلون لو اذا، وتنهزمون سراعا، ثم يوم الزاوية [وما يوم «٩» الزاوية] ! بها كان «١٠» فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم، ونكوص وليّكم «١١» عنكم إذ ولّيتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها