ما عنده، وأذكر عهده وودّه؛ وباح بأشواقه، وذمّ الزمن على اعتياقه؛ وأما تفضّله بكذا فالخادم ما يقوم بشكره، ولا يقدّره حقّ قدره؛ وقد أحال «١» مكافأة المجلس على ملىء «٢» قادر، ومسرّة خاطرة عليه يوم تبلى السرائر؛ والله تعالى يصله برزق سنىّ يملأ إناه، ويوضح هداه؛ ولا يخلى المجلس من جميل عوائده، ويمنحه أفضل وأجزل فوائده إن شاء الله تعالى.
ومن مكاتباته يتشوّق الى إخوانه وأودّائه، ومحبّيه وأوليائه- كتب إلى بعضهم:
أأحبابنا هل تسمعون على النوى ... تحيّة عان أو شكيّة عاتب
ولو حملت ريح الشّمال إليكم ... كلاما طلبنا مثله فى الجنائب
أصدر العبد هذه الخدمة وعنده شوق يغور به وينجد، ويستغيث من ناره بماء الدمع فيجيب وينجد؛ ويتعلّل بالنسيم فيغرى ناره بالإحراق، ويرفع النواظر إلى السّلوان فيعيدها الوجد فى قبضة الإطراق؛ أسفا على زمن تصرّم، ولم يبق إلا وجدا تضرّم، وقلبا فى يد البين المشتّ يتظلّم
ليالى نحن فى غفلات عيش ... كأنّ الدّهر عنّا فى وثاق
فلا تنفّس خادمه نفسا إلا وصله بذكره، ولا أجرى كلاما إلا قيّده بشكره، ولا سار فى قفر إلا شبّه برحيب صدره، ولا أطلّ على جبل إلا احتقره بعلىّ قدره، ولا مرّ بروضة إلا خالها تفتّحت أزهارها عن كريم خلقه ونسيم عطره، ولا أوقد المصطلون نارا إلا ظنّهم اقتبسوها من جمره، ولا نزل على نهر إلا كاثر دمعه ببحره