ثنى عنانه إلى مثوى قراره، وانثنى يسابق أدهم ليله بأشهب نهاره؛ وعلى الرغم أخفق مسعاه، ولم يقل «١» قلبه الشوق الذى دعاه؛ لكن سار وأقام خالص ولائه وعاد بعد ما أودع الحفظة مرفوع دعائه؛ فعرّف الله مولانا بركات هذا الشهر الذى سارت به إلى إحسانه مطايا أيامه، وجعله مثبتا لحسناته ممحّيا «٢» لآثامه، وحلّاه بالمقبول «٣» من صيامه والمشهور من قيامه؛ وأراه صدر برّه أثلج، ووجه بدره أبلج، وثغر ابتسامه عن رضوان القبول أفلج؛ ورقّاه درج تضاعف حسناته، ولقّاه من كرم الله مذخور إحسانه وموعود هباته؛ وأراه الأمل فى بنيه، وأرانا فيهم ما رأينا فيه؛ فهو غاب «٤» العلم وهم أغصانه وشجره، ومطهّم السابقين وهم حجوله وغرره؛ وانى لألمح «٥» من مخايل شرفهم وشرف مخايلهم، وشمائل شيمهم وشيم شمائلهم؛ نجابة «٦» تضعهم من الرّياسة فى أنفها، ومن السيادة بمكان شنفها؛ فهم جذوة فضل مبرقه، ودوحة علم مورقه ونبعة سيادة معرقه، وشموس معال فى أفق كلّ شرف مشرقه؛ سمت بهم أصالة النسب، وفضيلة الأدب المكتسب، وجمعوا بين شرف العمومة والخؤولة فى كرم المنتسب؛ فللعلا ألسن تثنى محامدها على الحميد من فعلهم وشيمهم، وللندى مواهب عزيت مذاهبها «٧» الى العليّين من كرمهم وهممهم؛ لا زالت محاسنهم قلائد الأجياد وأيّامهم مواسم الأعياد، وحرمهم المخصب بالمكارم سواء العاكف فيه والباد؛ إن شاء الله تعالى.