للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا انتهى رىّ مكان وأخذ حدّه، قطع جسر ذلك المكان من مكان معروف (يعرفه خولة البلاد ومشايخها) تروى منه الجهة التى تليها مع ما تجمع فيها من الماء المختص بها. ولولا إتقان هذه الجسور وحفر الترع لقلّ الانتفاع بالنيل.

وقد حكى أنه كان يرصد لعمارة الجسور فى كل سنة ثلث الخراج لعنايتهم بها:

لما يترتب عليها من المصالح، ويحصل بها من النفع فى رىّ البلاد.

وقد وصف بعض الشعراء، النيل فى طلوعه وهبوطه، فقال:

واها لهذا النّيل، أىّ عجيبة ... بكر بمثل حديثها لا يسمع!

يلقى الثرى فى العام وهو مسلّم ... حتى إذا ما ملّ عاد يودّع.

مستقبل مثل الهلال، فدهره ... أبدا يزيد كما يزيد ويرجع.

وللشعراء فيه أوصاف وتشبيهات، نذكرها بعد إن شاء الله تعالى في موضعها.

وهذا النهر مخالف فى جريه لسائر الأنهار، لأنه يجرى مما يلى الجنوب مستقبل الشمال. وكذلك نهر مهران بالسّند، ونهر الأرنط، وهو نهر حمص وحماة، ويسمّى العاصى لمخالفته للأنهار فى جريها. وما عداها من الأنهار جريها من الشمال إلى الجنوب:

لارتفاع الشمال عن الجنوب وكثرة مياهه.

وهو أخفّ المياه وأحلاها وأعمّها نفعا وأكثرها خراجا.

وقد حكى أنه جبى فى أيام كيقاوش (أحد ملوك القبط الأوّل مائة ألف ألف وثلاثين ألف دينار؛ وجباه عزيز مصر مائة ألف ألف دينار؛ وجباه عمرو بن العاص اثنى عشر ألف ألف دينار؛ ثم رذل إلى أن جبى أيام القائد جوهر (مولى المعزّ العبيدىّ) ثلاثة آلاف ألف ومائتى ألف دينار.