أردان هذا التأليف، ولا نحتاج إلى التعريف بمكانه وتمكّنه من هذه الصناعة فالشمس تستغنى عن التعريف؛ ونحن الآن نعتذر من التقصير فى الانتهاء إلى وصف محاسنه، ونعترف بالعجز عن إدراك كنه مناقبه الشريفة وميامنه؛ ونأخذ فى ذكر كلامه لنمحو ذنب التقصير بحسن الإخبار «١» ، ونسأل الصفح عن اختصارنا واجب حقّه ونرجو قبول كلمات الاعتذار فمن إنشائه ما كتبه عن الخليفة المستكفى بالله أبى الربيع سليمان- جمّل الله به الدين، وأيّد ببقائه الإسلام والمسلمين- للسلطان الملك المظفّر ركن الدين بيبرس المنصورىّ فى شوّال سنة ثمان وسبعمائة، ابتدأه بأن قال:
هذا عقد شريف انتظمت به عقود مصالح الممالك، وابتسمت ثغور الثغور ببيعته التى شهدت بصحّتها الكرام الملائك؛ وتمسّكت النفوس بمحكم عقده النّضيد ومبرم عهده «٢» النظيم، ووثقت الآمال ببركة ميثاقه فتقرأه الألسنة مستفتحة فيه بقول الله الكريم: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذى جعل الملّة الإسلاميّة تأوى من سلطانها الى ركن شديد، وتحوى من مبايعة «٣» مظفّرها كلّ ما كانت ترومه من تأييد التأييد، وتروى أحاديث النصر عن ملك لا يملّ من نصرة الدّين الحنيفىّ وإن ملّ الحديد من الحديد؛ مؤتى ملكه من يشاء من عباده وملقى مقاليده للولىّ الملىّ «٤» بقمع أهل عناده؛ ومانحه من لم يزل بعزائمه ومكارمه