عليه وسلّم، أسلمنا قبلكم، وقدّمنا فى القرآن عليكم، وأنتم إخواننا فى الدّين، وشركاؤنا فى الفىء، وأنصارنا على «١» على العدوّ، آويتم وواسيتم، فجزاكم الله خيرا، نحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تدين العرب الا لهذا الحىّ من قريش. قالوا: قد رضينا وسلّمنا.
قال بعض اليهود لعلى رضى الله عنه: ما دفنتم «٢» نبيّكم حتى اختلفتم؛ فقال: انما اختلفنا عليه «٣» لا فيه، ولكنكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيّكم: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ.
وقال حاطب بن أبى بلتعة: لما بعثنى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم الى المقوقس ملك الإسكندريّة بكتابه، أتيته وأبلغته الرسالة، فضحك ثم قال: كتب إلىّ صاحبك يسألنى أن أتّبعه على دينه، فما يمنعه إن كان نبيا أن يدعو الله فيسلّط علىّ البحر فيغرقنى فيكتفى مؤنتى، ويأخذ ملكى؟ قلت: ما منع عيسى عليه السلام إذ أخذته اليهود فربطوه فى حبل، وحلقوا وسط رأسه، وجعلوا عليه إكليلا من شوك، وحملوا خشبته التى صلبوه عليها على عاتقه، ثم أخرجوه وهو يبكى حتى نصبوه على الخشبة ثم طعنوه حيّا بحربة حتى مات- على زعمكم- فما منعه أن يدعو الله فينجيه ويهلكهم، ويكتفى مؤنتهم، ويظهر هو وأصحابه عليهم؟ وما منع يحيى بن زكريّا حين سألت امرأة الملك الملك أن يقتله فقتله وبعث برأسه اليها حتى وضع بين يديها أن يسأل الله أن يحميه ويهلكهم؟ فأقبل على جلسائه وقال: والله إنه لحكيم، وما تخرج الحكم إلّا من عند الحكماء.