منها؛ ولو تفرّدت امرأة فى دار الحرب فبذلت الجزية للمقام فى دار الإسلام لم يلزمها ما بذلته، وكان ذلك منها كالهبة لا يؤخذ منها إن امتنعت؛ ولا تؤخذ الجزية من خنثى مشكل، فإن زال «١» إشكاله وبان رجلا أخذت منه فى مستقبل أمره وماضيه؛ واختلف الفقهاء فى قدر الجزية، فذهب أبو حنيفة إلى تصنيفهم ثلاثة أصناف:
أغنياء يؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهما، وأوساط يؤخذ منهم أربعة وعشرون درهما وضرب «٢» يؤخذ منه اثنا عشر درهما، [فجعلها مقدّرة الأقلّ والأكثر «٣» ] ومنع من اجتهاد الولاة فيها.
وقال مالك: لا يقدّر أقلّها ولا أكثرها، وهى موكولة إلى اجتهاد الإمام فى الطرفين.
وذهب الشافعىّ إلى أنها مقدّرة الأقلّ بدينار لا يجوز الاقتصار على أقلّ منه، وعنده أنها غير مقدّرة الأكثر، يرجع فيه إلى اجتهاد الولاة، ويجتهد رأيه فى التسوية بين جميعهم، أو التفضيل «٤» بحسب أحوالهم، فإذا اجتهد رأيه فى عقد الجزية معهم على مراضاة أولى الأمر منهم صارت لازمة لجميعهم ولأعقابهم قرنا بعد قرن، ولا يجوز لوال بعده أن يغيّره «٥» الى زيادة عليه أو نقصان منه.