بعد ذلك نبت وبرز إلى وجه الأرض، وهو عند ذلك يسمّى: الأحوى «١» ، ثم لا تزال الأمطار تسقيه والأنواء تغذيه حتى يصير غثاء، ثم يقع عليه بعد ذلك المطر المسمّى بالمطر الفاطم، وهو غالبا يكون فى شهر نيسان، ثم يعقد فيه الحبّ بعد ذلك، وينتهى على عادة الزرع؛ هذا حكم ما يزرع على الوسمىّ.
ومن أراضى الشأم [نواح «٢» ] يغبّها «٣» الوسمىّ فيزرع سكّانها «٤» الحبّ عفيرا، ومعنى ذلك أنهم يزرعون فى الأرض الحبّ قبل إبّان الزرع وينتظرون وقوع الأمطار عليه؛ ومن غريب ما اتّفق فى بعض السنين أنهم أودعوا الحبّ الأرض على عادتهم فلم تسقط عليه الأمطار فى تلك السنة، فاستمرّ فى الأرض إلى العام القابل، وأيس أهل البلاد منه، وزرعوا فى السنة الثانية شطر الأراضى التى كانت كرابا غير مزروعة- فإن عادتهم بسائر بلاد الشأم أن كلّ فلّاح يقسم الأراضى التى بيده شطرين، فيزرع شطرا، ويريح شطرا، ويتعاهده بالحرث لتقرع الشمس باطن الأرض، ثم يزرعه فى القابل ويريح الشطر الذى كان به الزرع؛ هذا دأبهم، خلافا لأراضى الديار المصريّة، فإنها تزرع فى كلّ سنة- فلما وقعت الأمطار نبت الشطران معا، وأقبلت الزراعات فى تلك السنة، فتضاعف المغلّ، وهذا غريب نادر الوقوع.